مرت بلدنا الحبيبة سوريا في زماننا هذا بأزمة وحرب أثرت على حياتنا و واقعنا مما سبب حالة من التدهور المعيشي والعلمي، وتعتبر مشاكل الأطفال السوريين والتعليم من أكثر المشاكل تأثيراً على مستقبل البلاد وازدهارها بشتى المجالات.
فأزمات كثيرة مرت على البلدان وحروب كبيرة خاضتها الدول والحضارات، تدهورت على إثرها مجالات الحياة المتنوعة، الاقتصادية منها والاجتماعية والثقافية والعلمية، وتأثرت بها الأجيال بمختلف الأعمار، تلك الأجيال التي تعتبر أمل الأمة ومستقبلها والتي سيقع على عاتقها مهمة بناء مستقبل مزدهر وآمن.
سنتحدث في مقالنا هذا عن مشاكل الأطفال السوريين والتعليم وانعكاسات أثر الأزمة التي تخوضها سوريا على الواقع العلمي والثقافي.
مشاكل الأطفال السوريين والتعليم:
ضمن إحصائيات رسمية سورية صدرت في عام 2012، فإنّ عدد التلاميذ في البلاد كان يبلغ في ذلك الوقت نحو 5.5 ملايين تلميذ يتلقون التعليم في أكثر من 22 ألف مدرسة رسمية وخاصة في مختلف المحافظات السورية.
كانت سوريا فيما قبل الأزمة من أكثر البلدان تطوراً في المجال العلمي فظاهرة التسرب من المدرسة كانت في حدود منخفضة نتيجة لحالة الازدهار التي كانت تعيشها المنطقة، فما أن أتت هذه الأزمة إلا وعصفت بمستقبل هؤلاء الأطفال، ففي حصيلة أخيرة لمنظمة اليونيسيف أقرتها في بيان الأحد (24 كانون الثاني / يناير 2021) أن أكثر من نصف الأطفال في سوريا متسربون من المدارس بمختلف الأسباب، فيوجد في سوريا أكثر من 2.4 مليون طفل غير ملتحق بالمدارس، 40 بالمئة منهم من البنات.
فما هي هذه المشاكل؟
أولاً: الفقر وأثرها على التعليم:
يعتبر التدهور الاقتصادي الذي طال بلدنا سوريا وما له من آثار كبيرة على مجال التعليم، من أهم مشاكل الأطفال السوريين في وقتنا الحاضر، فنجد الأباء عاجزون عن تأمين المستلزمات المدرسية من قرطاسية وحقائب ومستلزمات أخرى لازمة لأطفالهم ليتمكنوا من تأدية واجبهم المدرسي على أكمل وجه، لعدم توافر المال الكافي وحالة الفقر التي يعانون منها، فما نجد من هؤلاء الأطفال سوى الامتناع عن الذهاب إلى المدرسة والتسرب، لهذا يعتبر الفقر أمر أساسي في مشاكل الأطفال السوريين والتعليم.
ثانياً: عمالة الأطفال والتعليم:
تعاني المجتمعات في جميع أنحاء العالم من انتشار ظاهرة تشغيل الأطفال التي تسمّى بظاهرة عمالة الأطفال، إذ إنّ حوالي 250 مليون طفل تقريباً يعملون في مختلف مناطق العالم في وقتنا الحاضر، منهم ما يقارب 150 مليون طفل يعملون في مجال الأعمال الخطرة، وقد عانت المجتمعات منذ القِدَم من هذه الظاهرة فانتشرت بين المدن المتقدمة صناعيّاً، والدول النامية والفقيرة، وتُعدّ هذه الظاهرة العالمية مشكلة معقدة، خصوصاً عندما تكون ناتجة عن بُنية البلاد وظروفها الاقتصادية.
فانتشار الفقر والأميّة بين الأهالي، ووجود حاجة إلى عمل الطفل للحصول على دخل يُؤمِّن احتياجات الأسرة دفع الأطفال إلى التسرب من المدرسة.
ثالثاً: عدم توافر البنى التحتية وأثرها على الواقع التعليمي:
من أهم مشاكل الأطفال السوريين والتعليم هو عدم توافر تلك البنى التحتية اللازمة لاستيعاب الأعداد الهائلة من الأطفال ضمنها. فما إن أتت هذه الحرب إلى بلدنا إلا ودمرت بنيتنا التحتية من مدارس ومعاهد فبات الطفل السوري عاجز على إيجاد مدرسة في منطقته تضمه إلى صفوفها فازداد العبء على المدارس الأخرى وازدادت معها ظاهرة تسرب الأطفال من المدارس.
فوفق دراسة قامت بها منظمة اليونيسيف لحقوق الإنسان فقد تعرّضت حوالي 40% من البنية التحتية للمدارس في سوريا للضرر أو للدمار أثناء الحرب.
رابعاً: عدم توفر الأمان في بعض المناطق من أبرز مشاكل الأطفال السوريين و التعليم :
توجد العديد من المدارس السورية في أماكن ينعدم فيها الأمان فتعتبر عملية إرسال الأطفال إليها أمر فيه من المخاطرة على أرواحهم ما يكفي ليمنع الأهالي من ارسال أبناءهم، الأمر الذي يزيد ويزيد من حجم المشكلة هذه ويزيد من مشاكل الأطفال السوريين والتعليم.
خامساً: عدم توافر وسائل النقل اللازمة للوصول إلى المدارس:
يوجد لدى العديد من الأسر السورية مشاكل في تأمين وسيلة نقل لأطفالها إلى مدارس تقع بعيدة عن مكان مسكنهم ومع ازدياد كلفة النقل باتت عملية توفير وسيلة نقل مناسبة للقدرات المالية التي تمتلكها العائلة والواقع الاقتصادي الذي تمر بها أمر صعب بل في بعض الأحيان يدفع البعض من منع أطفالهم من الذهاب إلى مدارسهم.
سادساً: عدم توافر مقوامات المعيشة لبعض العائلات مشاكل الأطفال السوريين و التعليم:
من أهم مشاكل الأطفال السوريين والتعليم هو عدم توافر مقومات الحياة الأساسية للتعليم في بعض المناطق كالكهرباء والتدفئة والشبكة العنكبوتية.
سابعاً: الواقع الصحي والأمراض وانعكاسها على التعليم:
مع انتشار جائحة كورونا في وقتنا الاخير والانتشار الكبير للمرض على مستوى القطر بات الامتناع عن ارسال الاطفال إلى مدارسهم أمر روتيني بل عادي، الأمر الذي أدى إلى تكاسل الطلاب وتراجع قدراتهم العلمية، مما أدى الى الازدياد من ظاهرة التسرب من المدارس وازدياد الأمية، ومن هذا الباب يجب ان ننوه إلى اهمية التعلم عن بعد عبر شبكة الانترنت وأهمية نشر هذه الثقافة بين المجتمع السوري لما لها من دور اساسي في محاربة هذه الظاهرة ومواجهتها.
ثامناً: قلة الكوادر التعليمية وضعف الكفاءات:
تعتبر قلة الكوادر التعليمية وضعف الكفاءاتهائقا كبيرا … فالهجرة التي تعرضت لها البلاد بمختلف انواعها سواء أكان من مدينة إلى أخرى او من دولة الى أخرى قضية أثرت على مجال التعليم بشكل خاص فبات توافر الاساتذة والمعلمون الكفء في المدارس أمر نادر خاصة في تلك المدارس المتواجدة في مناطق خضعت للهجرة وأثرت عليها الحرب تأثيرا كبيراً مما أدى الى تدني مستوى التعليم وتراجعه إلى أدنى المستويات.
تاسعاً: أهمية الدعم النفسي للأطفال السوريين في المدارس:
تعتبر مشكلة الازمة النفسية التي تعرض لها الاطفال السوريون نتيجة للحرب التي خاضتها البلاد من اهم مشاكل الاطفال السوريين والتعليم. ففي دراسة اوضحتها منظمة يونيسيف لحقوق الانسان انه يحتاج واحد من بين ثمانية أطفال في كل صف دراسي إلى دعم نفسي واجتماعي مختصّ، لتحقيق التعلّم الفعال.
الخلاصة: تعتبر مشاكل الأطفال السوريين والتعليم من أهم النتائج التي نتجت في السنوات الأخيرة على بلدنا الحبيبة سوريا جراء الحرب التي خاضتها وأثرت بها فلا بد من أن ندعم بعضنا البعض يداً بيد ونسعى إلى تطوير وسائل التعليم وتوفيرها إلى أكبر عدد ممكن من الطلاب سواء أكان بإعادة بناء البنية التحتية من مدارس ومرافق ثقافية أخرى وهو ما تسعى إليه الحكومة السورية من توفير الجهود اللازمة للنهوض بالواقع الثقافي العلمي بسوريا من خلال ترميم المدارس وتوفير البنية التحتية ولا بد من العمل على تطوير تقنية التعليم عن بعد عبر الانترنت لإيصال العلم إلى كل الأطفال في شتى الأراضي السورية.
للاطلاع على دوراتنا , اضغط هنا